الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
* الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:
لا تخلو الأرض من قائم بأمْرِ الله ..
كما لا تخلو من وارِث لمهنة إبليس !
- فالنوع الأول ورّاث الأنبياء .. يَدْعُون مَن ضَلّ إلى الْهُدى ، ويصبرون منهم على الأذى ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، ومن ضال جاهل قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تأويل الجاهلين ، وتحريف الغالين ، وانتحال المبطلين.
- قال ابن القيم رحمه الله: ولولا ضمان الله بحفظ دينه وتكفّله بأن يُقيمَ له من يجدد أعلامه ، ويُحيى منه ما أماته المبطلون ، ويُنعش ما أخْمَله الجاهلون ، لهُدِّمت أركانه وتداعى بنيانه ، ولكن الله ذو فضل على العالمين . اهـ .
- والنوع الثاني نُوّاب إبليس .. يُخلِصون له العمل ! ويَخْلُصُون إلى ما لا تَخْلُص إليه الأباليس !
ذلك أن مردة الشياطين تُربّط وتُصفّد في شهر رمضان .. وأولئك لا يُربَطون ولا يُقيَّدُون !
فلا زاجِر لهم من دِين ، ولا ناهي لهم من عقل !
يَهتزّ إبليس لِِطَلْعَة وجه أحدهم !
وإذا رأى إبليسُ طلعةَ وجهه = حَيّا وقال : فَدَيتُ مَنْ لا يُفْلِحُ !
يَدْعُون الناس إلى كل فاحشة ورذيلة !
يُجاهِرون بالمعاصي ، ويَجهَرون بالفسُوق
- قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: إن المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا يومئذ يُسِرُّون واليوم يَجْهَرُون.
اتّخذوا القَينات سلاحا ، والمعازف وسيلة .. واللذة والنشوة غاية وهَدَفاً !
فالغاية عندهم تُسوِّغ الوسيلة !
غناء وغانية !
واختلاط وسُفور !
واحتفال ومَهرَجان !
وتِلك - لَعَمْر الله - أسلحة إبليس! لإفساد وإضلال بني آدم !
- أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانتِ الجاهليةُ الأولى فيما بين نوحٍ وإدريسَ عليهما السلام ، وكانتْ ألفَ سنةٍ ، وإنّ بَطْنَيْنِ من ولدِ آدمَ كان أحدُهما يَسْكُنُ السَّهْلَ ، والآخرُ يَسْكُنُ الجبَلَ ، فكان رجالُ الجبلِ صِبَاحا ، وفي النساء دَمَامَةٌ ، وكان نساءُ السَّهْلِ صِبَاحا ، وفي الرِّجَال دَمَامَةٌ ، وإن إبليسَ أتى رَجُلاً مِن أهلِ السَّهْلِ في صُورةِ غُلامٍ فَأَجَّرَ نَفْسَه ، فكان يَخْدُمُهُ ، واتَّخَذَ إبليسُ شَبَّابَةً مثل الذي يَزْمُرُ فيهِ الرِّعَاءُ ، فجاءَ بَصَوتٍ لم يَسْمَعِ الناسُ بِمِثْلِهِ ، فَبَلَغَ ذلك مَن حَولَهُ ، فَانْتَابُوهُم يَسْمَعُون إليه ، واتَّخَذُوا عِيداً يَجْتَمِعُونَ إليه في السَّنَةِ ، فَتَبَرَّجَ النساءُ للرِّجَالِ ، وَتَبَرَّجَ الرِّجَالُ لهن ، وإن رَجُلاً مِن أهلِ الجبلِ هَجَمَ عَليهِم في عِيدِهم ذلك فَرَأى النساءَ وَصَبَاحَتِهِنَّ ، فأتى أصحابَهُ فأخْبَرَهم بِذَلِكَ ، فَتَحَوّلُوا إليهِنّ ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ ، وَظَهَرَتِ الفاحشةُ فيهن ، فهو قول الله: ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ).
- شَبَّابَة: نوعٌ مِن المزامير !
فانظر بِعين بصيرتك بِمَ استعانَ إبليسُ على الفسادِ والإفساد ؟
بأيِّ وسيلةٍ ؟ أم بأيِّ طريقة ؟
استعان على إفساد الناس بغناءٍ وأعيادٍ وخروج نِساء ؟!
- وهذه الثلاث: ( الغِناءَ والطَّرَب ، والأعيادَ الْمُحدَثةِ الْمُبتَدَعة ، وإخْراجَ النساء ) هي أسلحةُ إبليس ، وبها يُلوِّحُ وَرَثَتُه ! فيُنادُون بها ، ويُطالبُِون بِوجودها !
- أولئك كما يقول ابن القيم: " نُوّابُ إبليسَ في الأرض ، وهم الذين يُثَبِّطُونَ الناسَ عن طلبِ العلمِ والتفقُّهِ في الدِّين ، فهؤلاء أضرُّ عليهم من شياطينِ الجن ، فإنهم يَحُولون بين القلوبِ وبين هُدى اللهِ وطَرِيقِهِ ".
- وبين فترة وأخرى يَصْدَح أولئك الَوَرَثَة بمثل تلك الدعاوى ، وإليها يُنادون ..
تارة تحت اسم الفنّ والذوق !
وأخرى خَلْف ستار الترفيه
ولست أدري أتَرْفِيه أم تَعْرِيَة ؟
وربما أقحَموا لفظ البراءة في ذلك الترفيه !
إن كان القصد الترفيه فما الذي أقحَم التعرِيَة ؟!
وثالثة تحت شِعار: الدِّين يُسْر !
ورابعة تَحتمي الدعوى بالتشبّث بالأصل !
وأن الأصل في الأشياء الإباحة !
فتُفتَح المسارح ودور السينما بهذه الحجة !
- وقديما احتَجّ إبليس بالقَدَر ! فقال: ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )
ولن يُعدَم مُبطِل حُجّة ! ولن يُعدَم مُحتال حِيلَة !
وقد عَرَف إبليس أن دعاواه لا تَرُوج .. وأن الباطل لا يُقبَل إلا بدليل عقلي ! وبتحسين القبيح .. ولذا لما أراد إغواء آدم عليه الصلاة والسلام زَيَّن له الأكل من الشَّجَرة تحت سِتار: شَجرَة الْخُلْد .. وبالدعوى إلى مُلْكٍ لا يَبلى ! قال تعالى: ( قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ).
وكما كذب الخبيث في أول دعوى .. فكذلك ورثته ..
- ولذا قال عليه الصلاة والسلام عن أحد أولاد إبليس: ( صدقك وهو كذوب ). رواه البخاري .
وسار على هذا النهج كل مُنافِق معلوم النِّفاق .. فقال أوائلهم وقد أقْسَمُوا اليمين: ( إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا )
وقد حَلَفُوا: ( إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى ) .. ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
- فورّاث إبليس إن دَعَوا إلى العُريّ .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- وإن شجّعوا على الاختلاط .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- وإن طالَبُوا بتدريس الموسيقى والغِناء .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- فالاختلاط والتعرّي صِنوان .. رضعا من ثدي الرذيلة !
- ولا يتأتّى فساد مُجتَمع مُحافِظ إلا عن طريق الاختلاط والتعرّي ، لذا كانت المرأة وسيلة ناجحة ، وورقة رابحة بأيدي دَعاة الرذيلة ، حتى قال قائل أهل الصَّلِيب: كأس وغانية يَفعلان في الأمة المحمّدِيّة ما لا يَفعله ألف مِدفَع !
- والمسْرَح وأمُّه الهاوية - السينما - من طُرُق ووسائل الأبالِسَة في إخراج المرأة ، فتَخرُج المرأة بِحجّة الترفيه .. وبِدعوى الحرية الشخصية لتشاهِد عرضا سينمائياً .. ربما يُعرَض في آخر الليل ! أو على الأقل بعد منتصف الليل !
والإنسان ميّال بِطبعِه إلى ما يُشاهِد ..
والإنسان ابن بيئته .. يتأثّر بما يُشاهِد وبمن يُعاشِر ،، والمرء على دِين خليله
والغِلظة والفضاضة في أهل الإبل .. والسكينة في أهل الغنم !
- فإذا شاهَدت المرأة امرأة مثلها على خشبة المسرَح - وإن شئت قُل: الْمَشْرَح - ! ثم تكرّر هذا المشهَد ..
ورأت مرة ثانية وعاشرة أخرى تُعرض على شاشات السينما .. دون نَكير .. بل تَلْقَى التشجيع والتصفيق ! والمدح والثناء ! والْوَصْف بالنجومية ! وإغداق المال عليها !
كيف لا تتمنّى - بعد ذلك - أن تكون كَمثلها ؟!
وكيف لا تُحدِّث نفسها بل تَهُمّ وتَعزِم على أن ترتاد تلك الطريق .. وإن كانت موحِلة .. وإن كانت مُظلِمة ؟؟!!
وإن كانتْ شاة عائرة بين غَنَمين .. وإن كانتْ حَمْلاً وديعاً انفرَد عن الرعية .. فَصَادَف قطيعا من الذئاب الجائعة !
فلا تَسَلْ بعدها عن الْحَمَل ودمِه !
ولا تبحث لِبراءته عن أثر !
وحسبك أن تَعلَم أن بضاعة التمثيل بِضاعة وثنية يونانية ! ثم انتقلت إلى النصارى.
- قال الشيخ بكر أبو زيد: وكان أول حُدوثه في ديار الإسلام على يَدِ نصراني ! هو " مارون النقاش " اللبناني ، إذ عَمِل أول تمثيلية عام 1840 م . اهـ .
ونحن اليوم أمام دعاوى فجَّة تُنادي بالمسارِح العامة ، بل وتَدْعوا إلى بناء دور السينما في أطهر البقاع !
ولعل هؤلاء بَلَغوا من الإسفاف الفِكري ما لم يَبلُغه أهل الجاهلية ألأولى !
فإن أهل الجاهلية كان عندهم من تعظيم الْحَرَم ما يَجعلهم يَخرُجون بالأسير ليُقتَل خارج الْحَرَم !
ومن هؤلاء الأدعياء من يُنادي ، وقد يَرى - بِفقهه الأعوج - أنه لا دليل على منع بناء دور السينما في مكة أو في المدينة النبوية !
أهل الجاهلية الأولى يُعظِّمون الْحَرَم فلا يَرون جواز قَتْل الأسير داخل حدود الْحَرَم
وهؤلاء يَرون جواز ذبح العِفَّة ، ونَحْر الحياء .. وإن كان داخل المسجد الْحَرام !
فأفٍّ ثم أفّ لِقَومٍ يَبُزّهم أبو جهل بِخُلُقٍ بل بأخلاق !
ويَفُوقُهم أهل الجاهلية بالدِّين ومكارِم الأخلاق !
وإذا أردت أن تَعرف حقيقة هذا الأمر فتأمّل وتَمعّن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارِم الأخلاق ).
تَجِد أن أهل الجاهلية كان لديهم بقايا من أخلاق .. مِن كَرَم وحياء .. ووفاء بالعهد .. وحفظ حق الجار .. وأداء الأمانة .. وتعظيم الْحَرَم .. إلى غير ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد و الحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
* الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:
لا تخلو الأرض من قائم بأمْرِ الله ..
كما لا تخلو من وارِث لمهنة إبليس !
- فالنوع الأول ورّاث الأنبياء .. يَدْعُون مَن ضَلّ إلى الْهُدى ، ويصبرون منهم على الأذى ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، ومن ضال جاهل قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تأويل الجاهلين ، وتحريف الغالين ، وانتحال المبطلين.
- قال ابن القيم رحمه الله: ولولا ضمان الله بحفظ دينه وتكفّله بأن يُقيمَ له من يجدد أعلامه ، ويُحيى منه ما أماته المبطلون ، ويُنعش ما أخْمَله الجاهلون ، لهُدِّمت أركانه وتداعى بنيانه ، ولكن الله ذو فضل على العالمين . اهـ .
- والنوع الثاني نُوّاب إبليس .. يُخلِصون له العمل ! ويَخْلُصُون إلى ما لا تَخْلُص إليه الأباليس !
ذلك أن مردة الشياطين تُربّط وتُصفّد في شهر رمضان .. وأولئك لا يُربَطون ولا يُقيَّدُون !
فلا زاجِر لهم من دِين ، ولا ناهي لهم من عقل !
يَهتزّ إبليس لِِطَلْعَة وجه أحدهم !
وإذا رأى إبليسُ طلعةَ وجهه = حَيّا وقال : فَدَيتُ مَنْ لا يُفْلِحُ !
يَدْعُون الناس إلى كل فاحشة ورذيلة !
يُجاهِرون بالمعاصي ، ويَجهَرون بالفسُوق
- قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: إن المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا يومئذ يُسِرُّون واليوم يَجْهَرُون.
اتّخذوا القَينات سلاحا ، والمعازف وسيلة .. واللذة والنشوة غاية وهَدَفاً !
فالغاية عندهم تُسوِّغ الوسيلة !
غناء وغانية !
واختلاط وسُفور !
واحتفال ومَهرَجان !
وتِلك - لَعَمْر الله - أسلحة إبليس! لإفساد وإضلال بني آدم !
- أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانتِ الجاهليةُ الأولى فيما بين نوحٍ وإدريسَ عليهما السلام ، وكانتْ ألفَ سنةٍ ، وإنّ بَطْنَيْنِ من ولدِ آدمَ كان أحدُهما يَسْكُنُ السَّهْلَ ، والآخرُ يَسْكُنُ الجبَلَ ، فكان رجالُ الجبلِ صِبَاحا ، وفي النساء دَمَامَةٌ ، وكان نساءُ السَّهْلِ صِبَاحا ، وفي الرِّجَال دَمَامَةٌ ، وإن إبليسَ أتى رَجُلاً مِن أهلِ السَّهْلِ في صُورةِ غُلامٍ فَأَجَّرَ نَفْسَه ، فكان يَخْدُمُهُ ، واتَّخَذَ إبليسُ شَبَّابَةً مثل الذي يَزْمُرُ فيهِ الرِّعَاءُ ، فجاءَ بَصَوتٍ لم يَسْمَعِ الناسُ بِمِثْلِهِ ، فَبَلَغَ ذلك مَن حَولَهُ ، فَانْتَابُوهُم يَسْمَعُون إليه ، واتَّخَذُوا عِيداً يَجْتَمِعُونَ إليه في السَّنَةِ ، فَتَبَرَّجَ النساءُ للرِّجَالِ ، وَتَبَرَّجَ الرِّجَالُ لهن ، وإن رَجُلاً مِن أهلِ الجبلِ هَجَمَ عَليهِم في عِيدِهم ذلك فَرَأى النساءَ وَصَبَاحَتِهِنَّ ، فأتى أصحابَهُ فأخْبَرَهم بِذَلِكَ ، فَتَحَوّلُوا إليهِنّ ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ ، وَظَهَرَتِ الفاحشةُ فيهن ، فهو قول الله: ( وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ).
- شَبَّابَة: نوعٌ مِن المزامير !
فانظر بِعين بصيرتك بِمَ استعانَ إبليسُ على الفسادِ والإفساد ؟
بأيِّ وسيلةٍ ؟ أم بأيِّ طريقة ؟
استعان على إفساد الناس بغناءٍ وأعيادٍ وخروج نِساء ؟!
- وهذه الثلاث: ( الغِناءَ والطَّرَب ، والأعيادَ الْمُحدَثةِ الْمُبتَدَعة ، وإخْراجَ النساء ) هي أسلحةُ إبليس ، وبها يُلوِّحُ وَرَثَتُه ! فيُنادُون بها ، ويُطالبُِون بِوجودها !
- أولئك كما يقول ابن القيم: " نُوّابُ إبليسَ في الأرض ، وهم الذين يُثَبِّطُونَ الناسَ عن طلبِ العلمِ والتفقُّهِ في الدِّين ، فهؤلاء أضرُّ عليهم من شياطينِ الجن ، فإنهم يَحُولون بين القلوبِ وبين هُدى اللهِ وطَرِيقِهِ ".
- وبين فترة وأخرى يَصْدَح أولئك الَوَرَثَة بمثل تلك الدعاوى ، وإليها يُنادون ..
تارة تحت اسم الفنّ والذوق !
وأخرى خَلْف ستار الترفيه
ولست أدري أتَرْفِيه أم تَعْرِيَة ؟
وربما أقحَموا لفظ البراءة في ذلك الترفيه !
إن كان القصد الترفيه فما الذي أقحَم التعرِيَة ؟!
وثالثة تحت شِعار: الدِّين يُسْر !
ورابعة تَحتمي الدعوى بالتشبّث بالأصل !
وأن الأصل في الأشياء الإباحة !
فتُفتَح المسارح ودور السينما بهذه الحجة !
- وقديما احتَجّ إبليس بالقَدَر ! فقال: ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )
ولن يُعدَم مُبطِل حُجّة ! ولن يُعدَم مُحتال حِيلَة !
وقد عَرَف إبليس أن دعاواه لا تَرُوج .. وأن الباطل لا يُقبَل إلا بدليل عقلي ! وبتحسين القبيح .. ولذا لما أراد إغواء آدم عليه الصلاة والسلام زَيَّن له الأكل من الشَّجَرة تحت سِتار: شَجرَة الْخُلْد .. وبالدعوى إلى مُلْكٍ لا يَبلى ! قال تعالى: ( قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ).
وكما كذب الخبيث في أول دعوى .. فكذلك ورثته ..
- ولذا قال عليه الصلاة والسلام عن أحد أولاد إبليس: ( صدقك وهو كذوب ). رواه البخاري .
وسار على هذا النهج كل مُنافِق معلوم النِّفاق .. فقال أوائلهم وقد أقْسَمُوا اليمين: ( إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا )
وقد حَلَفُوا: ( إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى ) .. ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
- فورّاث إبليس إن دَعَوا إلى العُريّ .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- وإن شجّعوا على الاختلاط .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- وإن طالَبُوا بتدريس الموسيقى والغِناء .. زعموا أنهم أرادوا الحسنى !
- فالاختلاط والتعرّي صِنوان .. رضعا من ثدي الرذيلة !
- ولا يتأتّى فساد مُجتَمع مُحافِظ إلا عن طريق الاختلاط والتعرّي ، لذا كانت المرأة وسيلة ناجحة ، وورقة رابحة بأيدي دَعاة الرذيلة ، حتى قال قائل أهل الصَّلِيب: كأس وغانية يَفعلان في الأمة المحمّدِيّة ما لا يَفعله ألف مِدفَع !
- والمسْرَح وأمُّه الهاوية - السينما - من طُرُق ووسائل الأبالِسَة في إخراج المرأة ، فتَخرُج المرأة بِحجّة الترفيه .. وبِدعوى الحرية الشخصية لتشاهِد عرضا سينمائياً .. ربما يُعرَض في آخر الليل ! أو على الأقل بعد منتصف الليل !
والإنسان ميّال بِطبعِه إلى ما يُشاهِد ..
والإنسان ابن بيئته .. يتأثّر بما يُشاهِد وبمن يُعاشِر ،، والمرء على دِين خليله
والغِلظة والفضاضة في أهل الإبل .. والسكينة في أهل الغنم !
- فإذا شاهَدت المرأة امرأة مثلها على خشبة المسرَح - وإن شئت قُل: الْمَشْرَح - ! ثم تكرّر هذا المشهَد ..
ورأت مرة ثانية وعاشرة أخرى تُعرض على شاشات السينما .. دون نَكير .. بل تَلْقَى التشجيع والتصفيق ! والمدح والثناء ! والْوَصْف بالنجومية ! وإغداق المال عليها !
كيف لا تتمنّى - بعد ذلك - أن تكون كَمثلها ؟!
وكيف لا تُحدِّث نفسها بل تَهُمّ وتَعزِم على أن ترتاد تلك الطريق .. وإن كانت موحِلة .. وإن كانت مُظلِمة ؟؟!!
وإن كانتْ شاة عائرة بين غَنَمين .. وإن كانتْ حَمْلاً وديعاً انفرَد عن الرعية .. فَصَادَف قطيعا من الذئاب الجائعة !
فلا تَسَلْ بعدها عن الْحَمَل ودمِه !
ولا تبحث لِبراءته عن أثر !
وحسبك أن تَعلَم أن بضاعة التمثيل بِضاعة وثنية يونانية ! ثم انتقلت إلى النصارى.
- قال الشيخ بكر أبو زيد: وكان أول حُدوثه في ديار الإسلام على يَدِ نصراني ! هو " مارون النقاش " اللبناني ، إذ عَمِل أول تمثيلية عام 1840 م . اهـ .
ونحن اليوم أمام دعاوى فجَّة تُنادي بالمسارِح العامة ، بل وتَدْعوا إلى بناء دور السينما في أطهر البقاع !
ولعل هؤلاء بَلَغوا من الإسفاف الفِكري ما لم يَبلُغه أهل الجاهلية ألأولى !
فإن أهل الجاهلية كان عندهم من تعظيم الْحَرَم ما يَجعلهم يَخرُجون بالأسير ليُقتَل خارج الْحَرَم !
ومن هؤلاء الأدعياء من يُنادي ، وقد يَرى - بِفقهه الأعوج - أنه لا دليل على منع بناء دور السينما في مكة أو في المدينة النبوية !
أهل الجاهلية الأولى يُعظِّمون الْحَرَم فلا يَرون جواز قَتْل الأسير داخل حدود الْحَرَم
وهؤلاء يَرون جواز ذبح العِفَّة ، ونَحْر الحياء .. وإن كان داخل المسجد الْحَرام !
فأفٍّ ثم أفّ لِقَومٍ يَبُزّهم أبو جهل بِخُلُقٍ بل بأخلاق !
ويَفُوقُهم أهل الجاهلية بالدِّين ومكارِم الأخلاق !
وإذا أردت أن تَعرف حقيقة هذا الأمر فتأمّل وتَمعّن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارِم الأخلاق ).
تَجِد أن أهل الجاهلية كان لديهم بقايا من أخلاق .. مِن كَرَم وحياء .. ووفاء بالعهد .. وحفظ حق الجار .. وأداء الأمانة .. وتعظيم الْحَرَم .. إلى غير ذلك.
وصلى الله على نبينا محمد و الحمد لله رب العالمين.